سيرته الشخصية

جوانب من صفاته الحميدة وسيرته المجيدة

 v     قال عنه السيد المرعشي في المسلسلات: (يعيش سيّدنا متعفّفًا عن المادّيّات بعيدًا عن التّرف، لا يتصرّف في الوجوه الشّرعيّة والأموال العائدة إلى الفقراء وذوي الحاجات، بل يمدّهم بما تيسّر من الأموال التّي تأتيه من الحقوق والأخماس). انتهى.

 

 v      ويجدر بنا أن نشير إلى تفانيه وتفاديه في ولاية عليّ بن أبي طالب (عليه الصّلاة والسّلام)، وسائر أجداده الطّاهرين، ومحبّته لهم، وذوبانه فيهم، حتّى أنّه عندما يذكر اسم واحد من المعصومين (عليهم صلوات المصلّين) سرعان ما تنحدر دموعه على خدّيه.

 

 v      وقد بالغ في التّحمس لهم والدّفاع عن حرمتهم وكيانهم، حتّى صنّف من أجل ذلك كتبًا ورسائل عديدة، ولا غرابة في ذلك، لأنّه من ذريّة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام، والصّدّيقة الطّاهرة، وسليل الحسن والحسين، وأولاد الحسين عليهم السلام الّذين هم أرباب العزّ والشّهامة والشّهادة، وأولياء الحقّ، وزعماء الملّة على مرّ العصور، ولو كره الكافرون.

 

 v     ولقد أجاد الدّكتور المرحوم الشّيخ محمّد هادي الأمينيّ، حيث قال: (لأبناء فاطمة الزّهراء وذريّتها المتفرّعة من تلك الشّجرة الطّيبة الواردة في القرآن الكريم، والّتي أصلها ثابت، وفرعها في السّماء … روح وثّابة إلى الحقّ والخير، المنطلقة إلى العدالة والإنسانيّة، التّوّاقة إلى القيم العالية، وإعلاء كلمة التّوحيد، وتوحيد الكلمة، إلى جانب العلم، والشّجاعة، والصّبر، والتّضحية، والإيثار، وهذه المثل فيهم ذاتيّة، فطموا عليها، فهم منذ الطّفولة تراهم في جهاد متواصل في سبيل الله، ونضال مستمر دينيّ، ودعوة صادقة للدّين  الّذي ارتضاه الله لنفسه، بشتّى العوامل ومختلف الأساليب والصّور. إنّ تلك الرّوح على ما هي عليها من قيم لم تكن إلاّ نتيجة الوراثة والتّربية، تقوم على أسس قويمة وأهداف سامية، لها كلّ الارتباط بالحقّ والعقيدة). انتهى.

 

 v     كان (رضوان الله تعالى عليه) عالما بأحوال عصره واعيا بظروفه ومشاكله، وكذلك ما يحتاج إليه المؤمنون في مواجهة أعداء الإسلام في الجوانب المختلفة، من الفكر والعقيدة والسياسيات والإجتماعيات وغيرها، فقد صنّف (رضوان الله تعالى عليه) كتاب (نقد فلسفة جورج بوليستر) قبل حوالي ستين سنة أيام تسرب فكرة التغرب وفلسفة الغرب في المجتمع الإيراني. وكما يروي نجله الأكبر: أنّ أيّام اشتداد أمر الصهاينة وبسط سيطرتهم على فلسطين واحتلال الضفة الغربية؛ فكان (رضوان الله تعالى عليه) يشرح لنا (وكنت صبيا لا أتجاوز الخمس والست) خطط الإستعمار في تاسيس اسرائيل ومؤامرات الصهاينة بين العرب والمسلمين ودور ايران (آنذاك في العهد الملكي) في اتباع الأمريكيين ووقايع وتجارب من تاريخ حكام ايران ممن كان قويا أو ضعيفا في عقله وتدبيره و...، وكذلك يبين اتجاهات الحكومات العراقية التي كانت تأتي واحدة بعد واحدة آنذاك.

 

 v     كان (رضوان الله تعالى عليه) ملازمًا لزيارة الأمير (عليه الصّلاة والسّلام) في كلّ ليلة عندما كان مجاورًا للرّوضة الحيدريّة المقدّسة بالنّجف الأشرف، والذهاب الى مسجدي السهلة والكوفة في كل ليلة أربعاء وإتيان أعمالهما والتوسّل الى صاحب الأمر (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، والى كربلاء في كل ليلة جمعة لزيارة الحسين (عليه السلام).

يقول في ذلك نجله الأكبر:  كنت ألازمه في زيارة المشاهد في العراق منذ صباوتي فلم أرى أن تنقص زيارته الأمير (عليه السلام) الليلية من ساعة، وبيتوته الأسبوعية في كل من مسجدي السهلة والكوفة من اربع ساعات، وزيارته الحسين (عليه السلام) الأسبوعية من خمس ساعات.

 وقد مشى حافيًا لزيارة الحائر المقدّس بكربلاء أكثر من أربعين مرّة، وذلك في الأيّام المخصوصة من العاشور والأربعين و شهر رجب ويوم عرفة، لما ورد في ذلك من الفضل العظيم  الّذي لا يعدّ ولا يحصى في الأخبار المستفيضة.

وكانت سيرته عندما نزل قم المقدّسة أن يزور السّيّدة المعصوم (سلام الله عليها) في كلّ ليلة إلى أن عاقته عن الاستمرار آلامه الجسيمة، ومع ذلك لم يكن ينقطع عنها في كلّ أسبوع مرّة أو أكثر. وكان يزورها بقصد زيارة الإمام الحسين عليه السلام ليالي الجمعة.

كما كان مجدّا في زيارة الإمام الرضا (عليه السلام)، وخاصة في أيام العمرة (شهر رجب) وفي موسم الحجّ (ذي الحجة). وكان يقيم مجلس العزاء هناك حسب المناسبات الدينية وخاصة يوم وفاة الوصيّ وابن الأوصياء وأبو الأوصياء: أبي طالب (عليهم السلام).

 

 v     كما كان إذا أشكلت عليه بعض القضايا العلميّة أو تعسّرت عليه بعض الأمور الدّنيويّة، التجأ إلى حرم جدّه أمير المؤمنين (عليه الصّلاة والسّلام) كيما يصل إلى مراده، وهكذا كانت سيرته عندما هاجر إلى إيران، فكان يقصد مشهد الإمام عليّ بن موسى الرّضا (عليهما الصّلاة والسّلام) ويتوسّل به لإنجاح مطالبه ومقاصده في الدّين والدّنيا والآخرة.

 

 v     وكان لا يتصرّف في الوجوه الشّرعيّة، فيما يرجع لنفسه ومن يلوذ به، كما أسلفنا، بل ممّا يأتيه من النّذورات الشّخصيّة، حتّى أنّه لم يطبع رسالته العلميّة من الوجوه الّتي كانت تردّ عليه، مع أنّها طبعت عدّة مرّات.

 

 v     كان يقوم إلى مصلاّه سحرًا يتهجّد في ليله، ويبيت لربّه سجدًا وقيامًا، يحذر الآخرة، ويهذب نفسه الطّاهرة، فإذا انتهى من صلاة اللّيل، ونافلة الفجر، وطلع الفجر، أذّن وأقام، وصلّى صلاة الصّبح، وعقّب، ثم اشتغل بقراءة القرآن متدبّرًا لآياته وبيناته، حتّى تتجلّى له أسراره وخفيّاته، فيقوم كي يضبط ما خطر بباله من إشاراته ونكاته. وهكذا كان إذا اشتغل بقراءة الدّعاء، فإنّه كما يقوم بالثّناء لربّ الأرض والسّماء يستكشف رموز الدّعاء، ويظفر بما لم يظفر غيره من مبدعاته فيقوم ويسجّل ذلك في دفاتره ووريقاته الّتي أعدّها لشرح أدعية أهل البيت عليهم السلام.

 

 v      ومن غرائبه الّتي تنبيء عن عنايات ربانيّة به: أنّه كان عندما يستيقظ من النّوم يأخذ القرآن ويفتحه على بركة الله تعالى ليكون أوّل ما يقع بصره عليه القرآن، ومن عجيب الأمر أنّ الآية الّتي تخرج له ذلك الوقت كانت تشير إلى أهمّ ما يقع له في هذا اليوم ويتّفق له.

ومن أخلاقه الكريمة

 v     كان إذا دخل المسجد لإلقاء الدّرس استقبل القبلة، وصلّى ركعتين تحيّة المسجد، ثمّ يبدأ بعد ذلك بالدّرس في كلّ يوم، وكان يقول: (هكذا كانت سيرة أُستاذنا السّيّد محسن الحكيم (قدّس سرّه) اقتداء بالمعصومين (عليهم السلام)، فهو لا ينفكّ عن القيام بذلك، حتّى ولو كان مدعوًّا لحفل حاشدٍ أقيم لتأبين بعض العلماء والمراجع في المساجد، إذ كان أوّل ما يصنع أن يستقبل قبلة المسجد، فيصلّي هاتين الرّكعتين، ثمّ يقوم لشأنه، فيسلمّ على الحضّار، ويقرأ الفاتحة ويسترسل فيما يتطلّبه المجلس.

 v     وكان مواظبًا على تلاوة القرآن كلّ يومٍ بعد الدّرس بما تيسّر له.

 v     لم يعجبه أن يأمر أحدًا بشيء إذا كانت له حاجّة، وكان يحاول أن يعتمد على نفسه فيما يخصّه من أموره في البيت وغيره، وكان يتعمّد الخدمة في مجالس عزاء أهل البيت عليهم السلام.

 v     يقول نجله الأكبر: كان الوالد قدس سرّه كثير الإلمام بالمعنويات والمباحث النورانية،

ومما يشهده تلمذه عند أساطين هذا الميدان وحشره مع أصحاب هذا العنوان، منذ بداية نشأته العلمية والمعنوية فقد تلقى في هذا الجانب من عدة جاء ذكرهم في مبحث الأساتذة منهم: آية الله الحاجّ ميرزا عليّ آقا الشّيرازي، والمرجع العارف آية الله السيد الخميني والعلاّمة الإلهيّ السّيّد محمّد حسين الطّباطبائيّ  والمرجع الزاهد العابد آية الله الحاجّ السّيّد جمال الدّين الكَلبايكَاني ...

ومن ذاتياته في نفس الوقت أنّه كان كثير الإجتناب وشديد الحذر من أن يعرف بـ:أهل المعنى (كغيره في هذا المجال) بل ربما ينكر ذلك، بحيث يتوهم الجاهل الساذج أنّه من منكري هذه المقولات، وليس هذا الإ لشدة خلوصه والتزامه بالتستر اللازم لهذا الباب،

ومن ذلك في هذا الشأن علاقاته السرّية مع رجال من أولياء الله، كنت اعرف بعضهم ولم يسمحني أن أتكلم عنهم أو أشير إليهم لا من قريب ولا من بعيد، وكان يجتمع مع بعضهم ليالي بيتوته في مسجدي السهلة والكوفة أيام مقامه بالنجف، وأيام ذهابه من اصفهان الى مسجد جمكران، بل علاقاته العريقة مع بعض أرباب الأسرار والأذكار وأصحاب الإجازة في هذا الشان، وقد تعرفتُ في واقعة على اجازة منهم لأحد المُعَنْوَنين في هذا الباب، فهو يذكر في اجازته أنّه نالها بواسطة السيد الوالد عن ذلك الشخص البارز في المقام.

 

عنايات أهل البيت وصاحب الزّمان عليهم السلام بحقّه

 v     كانت عنايات رسول الله وأمير المؤمنين وأهل البيت عليهم السلام به كثيرة جدًّا، سواء في أموره الشّخصيّة أو العلميّة أو الاجتماعيّة أو غيرها، ولا يسع المجال لذكرها هنا، ونختص بالذكر بعض ما حظي به (قدّس سرّه) من عنايات وليّ عصرنا (عجّل الله تعالى فرجه الشّريف).

فكان (رحمه الله تعالى) ذائبًا في محبّة مولاه، مخلصًا له، ذاكرًا إيّاه، لا يكاد يغفل عنه أو ينساه، وكيف ينسى من هو وليّ نعمته وعزيزه، وحيبب قلبه، بل ومن يعيش بأنفاسه القدسيّة، بظاهره ولبّه، وهذه ظاهرة كانت تشعّ بوضوح من جميع ملامحه، بل في كلّ مقام؛ ضع يدك على أيّها شئت، فإنّك لا ترى إلاّ دعوة النّاس إلى ذكر الإمام، والدّعاء له، ونشر ذكره، وإحياء منهجه وطريقته.

ومن هنا، فقد افتتح رسالته العمليّة بالدّعاء له (عجّل الله تعالى فرجه الشّريف)، وسأل الله (جلّ وعلى) أن يكون العمل بها مرضيًّا لبقية الله في أرضه (صلوات الله تعالى عليه وآله)، فإليه المسار، وعليه المدار، وهو صاحب الدّار، عليه صلوات الملك الجبّار، ما دام اللّيل والنّهار، كما كان يوصي العلماء والفضلاء بنشر ذكره على المنابر، والاهتمام بتعريفه للنّاس، وإعلاء كلمته بينهم، وبيان فضائله لهم، ويشوّقهم على ذلك، ويحبّذ لهم هذه المسألة، وكان من عادته أن يقرأ في قنوتات صلواته وهو يؤمّ النّاس بالمسجد: (اللهمّ إنّا نرغب إليك في دولة كريمة، تعزّ بها الإسلام وأهله، وتذلّ به النّفاق وأهله، وتجعلنا من الدّعاة إلى طاعتك، والقادة إلى سبيلك)، إلخ، الدّعاء بطوله.

وكان يقول: المتشرّف ملزم بالسّكوت والإخفاء، ومن هذا المنطلق لم يكن يتحدّث عن تشرّفاته بحضرة النّاحية المقدّسة، ومن كان مطّلعًا على ذلك بصورة وأخرى؛ لم يكن يأذن له بالتّفوّه به ما دام حيًّا.

 

 v      ومما وفّق به شهودا ورؤية:

1- لدى وروده العراق 1373 هـ. ق، في حرم الإمام الكاظم (عليه الصلوة والسلام).

2- ما حظي به في زيارته الأسبوعية المستمرة ليالي الجمعة؛ للإمام الحسين عليه السلام في كربلاء.

3- ما نال به في مداومته لأعمال مسجد السهلة والكوفة والتوجه الى صاحب الأمر (عجّل الله تعالى فرجه الشّريف) أسبوعيا طوال السنين. (والأخيرتان مما أخبرنا بهما نجله الأكبر).

4- في عمرته المفردة الّتي كان قد زار فيها بيت الله الحرام عام 1398 هـ. ق، وفي نفس السّفرة الّتي ناظر فيها ابن باز - مفتي الدّيار السّعوديّة والوهّابيّة - وأفحمه وبقيّة علماء المخالفين في نفس مسجد الحرام.

5- تشرّفه بمولاه عندما زار الإمام عليّ بن موسى الرّضا عليه السلام، وبحذاء الرّأس الشّريف، حيث قال له المولى: (إنّا نأمر محبّينا بقراءة مكيال المكارم).

6- عناية صاحب الزمان (صلوات الله تعالى عليه وآله) لدى وروده بقم 1410 هـ.ق، وذلك في مسجد جمكران.

7- عندما أصيب بجلطة قلبيّة عام 1417 هـ. ق، وشفائه منه (عجّل الله تعالى فرجه الشّريف).

8- ما وقع له من اجتماعه مع الحضرات المقدسة عليهم السلام أيام مرض وفاته. (من إخبار بعض الخواص في هذا المقام).

 

 v     وأضف الى ذلك زياراته المنامية للحضرات المقدسة عليهم السلام  وكشفهم عليه معارف جمّة من علومهم، وهذا القسم بحاجة الى افراد جزء خاص به.

 

 v     عنايات وبركات أخرى لا مجال لبسطها في هذا المختصر، ولعلّنا نتحدّث عنها في مناسبة أخرى، والله من وراء القصد.