آخر يومه، ووفاته ومدفنه

آخر نشاطه وحياته

كما أنّه صرف عمره الشريف في النشاطات العلمية والدفاع عن القيم الدينية، فكان ذلك أيضا آخر حظّه من الدنيا:

تعرّض له الجلطة القلبيّة الّتي أدّت إلى وفاته (قدّس سرّه)، يوم مولد عقيلة بني هاشم السّيّدة زينب الكبرى (صلوات الله عليها)، وقبل عروضها شغله أمور:

الأوّل: كان قد راجع شرحه على كتاب وسائل الشيعة، وواصل إكماله.

الثّاني: ثمّ أجاب عن استفتاء هذا نصّه:

السؤال: حضرة آية الله العظمى السّيّد محمّد عليّ الموحد الأبطحي حفظه الله تعالى: السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته: هل ما يحدثّ به الرّواة والمؤرّخون عن أبي بكر وعمر وعمّالهم من الهجوم على بيت السّيّدة الزّهراء عليها السلام وإهانتها، وضربها، وكسر ضلعها، وإسقاط جنينها، وحرق دارها صحيح أو لا؟ أفتونا مأجورين، ودمتم ملاذًا للمؤمنين.          كتبه بعض المؤمنين

 

الجواب: بسم الله الرّحمان الرّحيم وبه نستعين: لا ينبغي الشّكّ في صحّة ما ورد في جنايات المغامزين على خلاف الله ورسوله، ولا يؤمن ولا يخضع لتلك الأحاديث وإن حازت حدّ التّواتر من الفريقين، ولا يصحّحها بل يتردّد، أو يشكّ، أو ينكر، أو يجحد، أو يكابر، طوائف من النّاس.

1- من طبع الله على قلبه بكفره إذ قال: {طَبَعَ اللهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً} (النّساء/155)، و{وَطَبَعَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} (التّوبة/93) كما في الخوالف و{رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ} (التّوبة /87)، {أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ} (النّحل/108)، {أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ} (محمّد/16)، وغيرها من آيات طبع قلوب الكافرين، والمنافقين، والمتبعين للأهواء، والمتكبّرين، والجبّارين، والمعتدين، فلا يرون، ولا يسمعون، ولا يعلمون، ولا يفقهون الحقّ.

2- ومن ختم الله على قلبه وعلى سمعه وعلى بصره الغشاوة من الكافرين والمنافقين والمخادعين، ومريضي القلب، وأصحاب الأهواء، فقال: {خَتَمَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِالله وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ * يُخَادِعُونَ اللهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ * فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} (البقرة/7-10)، {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللهِ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ} (الجاثية/23).

3- من أضلّه الله بمشيئته، بما له من الأوصاف الخبيثة، والأفعال القبيحة {... يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ * الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} (البقرة/26-27)، {قُلْ إِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ} (الرّعد/27)، {يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللهُ مَا يَشَاءُ} (إبراهيم/27)، {إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ} (نحل/37). وغيرها من آيات في إضلال المسرفين والمرتابين والمتّبعين للأهواء، وأنّهم ليس لهم وليٌّ مرشدٌ وهادٍ، وهي كثيرة.

4- من اتّبع آبائه وقلّدهم عن جهالة وتعصّب، {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلاَ يَهْتَدُونَ} (البقرة/170)، {… قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلاَ يَهْتَدُونَ} (المائدة/104) {قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا …} (يونس/79). وغير ذلك من الآيات في اتباع الآباء من غير تعقّل وتعلّم وتفقّه.

5- من اتّبع الأُمراء والكبراء، أو كان مأمورًا للفاسدين والمفسدين والجبابرة والظّالمين. وقد قسّم الإمام عليّ بن ابي طالب (صلوات الله عليه) في كلام له لكميل بن زياد النّخعيّ: (النّاس ثلاثة: عالم ربّانيّ، ومتعلّم على سبيل النّجاة، وهمج رعاع، لم يستضيئوا بنور العلم، يميلون مع كلّ ريح، أتباع كلّ ناعق، وليس لهم ركن وثيق …).

وإلاّ فكيف يتردّد ويريب ويشكّك، أو يكذّب ويجحد فيما اتّفقت عليه كتّاب عمّال الخلفاء المناوئين من المحدّثين والمؤرّخين، وأصحاب المؤلّفات في أخبار الأُمم والملوك والخلفاء والسّير وغيرها، من البخاريّ، ومسلم و…، ممّا فصلنا في الوقايع قبل وفاة النّبيّ صلى الله عليه وآله، والوقائع عنده، والوقائع بعده في كتاب، من الوقائع الّتي هي أكبر ممّا سئل من أمّهات الرّزايات والمصائب والاعتداءات، غير ما ذكر في القرآن من أعمال المنافقين وأقوالهم وسوء نيّاتهم، حتّى العزم على قتل النّبيّ صلى الله عليه وآله وتصفية المدينة.

1- قول عمر بن الخطّاب لرسول الله صلى الله عليه وآله حينما أمر أصحابه عند وفاته بأن يأتوا بالقلم والكتاب ليكتب ما لا يضلّ بعده الأمّة إلى يوم القيامة: (دعوه، إنّ الرّجل ليهجر، قد غلب عليه الوجع، و…). مع أنّ القرآن يصفه بـ {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى} (النّجم/ 5-7).

2- قول عمر لنساء النّبيّ وأهل البيت اللاّتي أكّدن على الرّجال بإجابة النّبيّ صلى الله عليه وآله بإتيان الكتاب: (صواحبات يوسف …).

3- رمي عمر بن الخطّاب من قال بوفاة النّبيّ صلى الله عليه وآله بالنّفاق، والتّهديد بضرب رقابهم، وقطع أيديهم وأرجلهم، وصلبهم، وأنّ القول بوفاته كان من سيّدة النّساء فاطمة الزّهراء ابنتهعليها السلام، ووصيّه وأخيه ووزيره عليّ بن أبي طالب عليه السلام، وسبطيه سيّدي شباب أهل الجنّة، ومن فيهم آية التّطهير والمباهلة وغيرها، فهم آخر من كان عند رسول الله صلى الله عليه وآله في مرضه، فهم صاحوا وضجّوا وصرخوا بالبكاء عليه والنّدبة والعزاء.

4- إخراج كلّ من كان في بيت عليّ عليه السلام كرهًا للبيعة لأبي بكر.

5- منازعة هؤلاء ومن اجتمع في السّقيفة من الأنصار، والقول منهم: منّا أمير، ومنكم أمير، ومنّا الأمراء، ومنكم الخلفاء ولا تجتمع النّبوّة والخلافة في بيت واحد.

ثمّ إنّك أيّها السّائل إن لم تكن ممّن طبع الله تعالى على قلبه وسمعه وبصره كما في الآيات. ولا ممن ختم الله على قلبه وسمعه وبصره الغشاوة، كما في آيات أُخَر. ولا ممّن له أوصاف خبيثة، ولا أفعال قبيحة يستحقّ بها قطع ولاية الله وهدايته ونصره، وأراد بقائه على ضلالته، والمنع عن إرشاده، كما في آيات ثالثة. ولا ممّن اتّبع آبائه وقلّدهم عن جهالة وتعصّب، كما في آيات رابعة. ولا ممّن اتّبع الأُمراء والكبراء، أو ممّن استأجره الجبابرة والظّالمين والطّغاة المفسدين، كما أشير إليه في آيات خامسة. ولا ممّن ينكر، أو يجحد، أو يجادل، أو يعاند في آيات ربّه، ويعصي رسله، ويريد حزن الرّسول بمقالته، كما قال الله تعالى: {وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ * وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ} (هود/59و60)، {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللهِ يَجْحَدُونَ} (الأنعام/33)، {الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ} (الأعراف/51)، {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ} (النّمل/14)، {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلاَّ الظَّالِمُونَ} (العنكبوت/49). وغير ذلك من آيات في من يجحد الحقّ.

{فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ الْمُبِينُ * يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ اللهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ} (النّحل/82 و83) و{… وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ … } (غافر/5)، {… إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِالله إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (غافر/56)، {كَذَلِكَ يُؤْفَكُ الَّذِينَ كَانُوا بِآيَاتِ اللهِ يَجْحَدُونَ} (غافر/63)، {وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِي مَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلاَ أَبْصَارُهُمْ وَلاَ أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْئٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} (الأحقاف/26)، {قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ} (هود/62). وغير ذلك من آيات الشّكاكين المريبين في الحقّ، لاتّباعهم الأهواء، والآباء، والأُمراء.

ولا تنس أيّها السّائل قول الإمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام لكميل ابن زياد النّخعي: (النّاس ثلاثة: عالم ربّانيّ، ومتعلّم على سبيل النّجاة وهمج رعاء، لم يستضيئوا بنور العلم، يميلون مع كلّ ريح، أتباع كلّ ناعق وليس لهم ركن وثيق …). أفتريد أيّها السّائل بعد ما تلونا عليك أن يكون ما صنعه الرّجال المتآمرين على أهل البيت لحجبهم عن خلافة رسول الله صلى الله عليه وآله ووصايته، وسلب سنّة الله وسنن رسله في جعل الوصيّ لكّلّ نبيّ من دوحته، وخلاف القرآن، وقول محمّد رسول الله صلى الله عليه وآله أمرًا ظاهرًا كالشّمس في ضوء النّهار، يحدث به خطبائهم غدواً وعشيّاً في المنابر والمساجد، وفي الأسواق والطّرق ضحى، ويتّخذ لصنائعهم في هضمهم ومحقهم أعلامًا، ويجسّدونها تجسيدًا، يلتفت إليها كلّ بدويّ وقرويّ وحضريّ في هذه العصور المتمادية لدولتهم؟! ويكتب كتّابهم في جرائدهم والمجلاّت ومكاتيبهم التّاريخيّة في عصر وزمان وناحية وسائر البلاد؟! وهل ترى لمنعهم بعد ارتحال رسول الله صلى الله عليه وآله عن تذاكر أحاديث الرّسول صلى الله عليه وآله، والتّأكيد في قراءة المسلمين للقرآن الكريم بلا تفسير وبيان لموارد النّزول وأسبابه وعلله والنّهي عن ذلك كلّه؟! أو لضرب أكابر الصّحابة وإخلادهم السّجون عن ذكر فضائل أهل البيت، كأبي ذرّ الغفاريّ وأضرابه من أحاديث البعثة إلى الهجرة، وغزوات النّبيّ صلى الله عليه وآله وفتوحات عليّ عليه السلام، ومنازله في الحروب وغير ذلك سبب؟! أو لاعلان سبّ عليّ والحسن والحسين عليهم السلام على المنابر في كلّ مسجد ومشهد إلى ثمانين سنة، أو لبناء مسجد  الذّكر لمن نسي سبّ أخي رسول الله صلى الله عليه وآله غاية وهدفًا؟! أو لتأصيل الصّحبة لرسول الله صلى الله عليه وآله في حال التّفوّة بالإسلام، وأنّهم عدول، ولا يفتّش عن أحوالهم، ويحمل محلّ صنع منهم على الرّضا، ومطهّرون عن كلّ شين، ومتبوعون على كلّ حال، وإن جاروا أو ظلموا، ويجأر على الصّبر في دولتهم، عاملاً وموجبًا لمحو آثار الطّهارة والمجد لآل محمّد عليهم السلام؟‍‍! حتّى أفرد علماء القوم أسماء الصّحابة في مصنّفات باسم العدول الطّاهرين، وحاولوا التّفتيش عن غيرهم إذا رأوا منهم إنكارًا للخلافاء والأُمراء والولاة، أو حكاية حديث في ذمّهم بالطّعن عليهم والتّضعيف والرّمي بالكفر والزندقة والوضع والنكارة. أو رأوا منهم اتباعًا لعليّ وأولاده المعصومين (صلوات الله عليهم اجمعين)، أو رووا في فضلهم عن رسول الله صلى الله عليه وآله منقبة او فضيلة. حتّى أنّهم صنّفوا في الكذّابين والوضّاعين والمتّهمين كتبًا ضخمة، ملؤوها من أسماء من شوهد منه إنكار على الخلفاء، أو رواية حديث في مثالبهم وطعونهم، أو في فضائل محمّد وآله الطّاهرين عليهم السلام. حتّى ذكروا فيها أسماء رجال عظام، نطقوا بصدقهم في الحديث، وأنّه عدل، صدوق، ثبت، أوثق النّاس، وغير ذلك بسبب قولهم فيهم رافضيّ، خبيث المذهب ونحوه، حتّى تجرّأ أكثرهم بذكر أسماء الأئمّة من آل محمّد عليهم السلام في هذه الكتب، كالذّهبي وغيره. فإن شئت أيّها السّائل أن تسمع الحقّ وتقرّ به فيما صنع أهل الحكومة الغاصبة بعليّ وفاطمة الزّهراء، والحسن، والحسين، وأهل بيت النّبيّ صلى الله عليه وآله ، فانظر إلى تاريخهم من أوّل المبعث الشّريف، ثمّ فتّش عن أحوال رجال هذه الدّولة عند المبعث، وفي أيّام الرّسالة، وخاصّة عند قرب أوان ارتحال النّبيّ صلى الله عليه وآله وإلى صنيع المنافقين ومقالاتهم في القرآن الكريم، وإلى أهوائهم وضغائنهم، وحيلهم عند وفاة النّبيّ صلى الله عليه وآله وبعده، والأخبار في ذلك كثيرة، يحتاج إلى مصنّفات في تاريخ الرّسالة، عن تحقيق وتجريد عن المفتعلات والموضوعات الحكوميّة. فتدبّر في شأن عليّ وأهل البيت عليهم السلام، وفي صنيع المعاندين، والمنافقين بعد دخلوهم في الإسلام. ونكتفي بالإشارة إلى مواضع منها:

1- يوم الدّار، والأمر بإنذار الأقربين ….(إلى هنا ينقطع جواب السّيّد (قدّس سرّه) فلم يكمله).

الثالث: ثمّ كتب في خصائص الإمام الحسين عليه السلام … عناوين متعدّدة، وهي: إنّ الحسين خالصة الله تعالى، خصائص الحسين عليه السلام في زيارة قبره، كون زائر الحسين عليه السلام كزائر بيت الله الحرام، وقوف الزّائر عند روضة الحسين عليه السلام.

وآخر ما كتب كان في مقتل الإمام الحسين عليه السلام،

وكان آخر سطوره وكلماته: فقد قاتل كريمًا، وقتل مظلومًا، ومضى مرحومًا يقول: أنا ابن رسول الله، وابن من زكّى وعبد، فقتلوه....

وهنا عرضت له الجلطة القلبيّة قبيل أذان المغرب من يوم مولد السّيّدة زينب عليها السلام بعد أن توضّأ وتهيّأ لصلاة المغرب.

وانتقل سماحته الى المستشفى وخصص له قسم مجهز بأدوات المراقبة الطبية الإضطرارية، واجتمع عليه زبدة الأخصائين من داخل البلاد وخارجها، وقد ساعد اللجنة الطبية وأشرف عليها ولده الخامس فضيلة الدكتور السيد محمّد المهدي، واستمرت معالجته في مستشفيات اصبهان وطهران 66 يوما إلى أن وافته المنية.

وفاته

توفي بين العشائين ليلة 13 رجب الأصبّ سنة 1423 هـ. ق، في مستشفى بطهران،

ثم في اليوم 14 من شهر رجب شيّعه  هناك وجوه العلماء والأعيان في اجتماع حاشد،

ثمّ نقل جثمانه الطّاهر إلى قم، وتأخّر دفنه (لأجل تنفيذ وصيته في ذلك) يومين،

وأعلن التّشييع من مسجد عشقعليّ إلى حرم السّيّدة المعصومة (عليها السلام) ليوم الخامس عشر من رجب،

وبعد منتصف ليلته؛ صلّى عليه نجله الأكبر سماحة السيّد محمّد المحسن الموحّد الأبطحيّ؛ مع أهل بيته وبعض خاصتهم، ثمّ دفنه بنفسه في مضجعه الشريف في ديوانية داره المباركة.

وذلك بعدما لم يتيسّر لهم الدّفن في حرم عمّته الطّاهرة (عليها الصّلوات الفاخرة) وفقا للوصيّة الّتي نقل عنه ولده الرابع فضيلة السّيّد محمّد رضي الدين: أن يدفن بالنّجف إن أمكن، وإلاّ ففي حرم السّيّدة عند مسجد بالا سر (فوق رأسها) أو الطّباطبائيّ، وإلاّ ففي ديوانية بيته التي كان مجلسه العام ومكتب مراجعاته وحسينيّته التي لا تزال تقام فيها مجالس آل البيت عليهم السلام. فكان كما وصّى به.

ولا يخفى أنّ الدّفن في البيوتات والأملاك الشّخصيّة كانت ومنذ زمن قديم من سيرة الأنبياء والأوصياء والأولياء في مختلف الأعصار والأمصار، وعلى رأسهم سيّد الأنبياء (عليه وآله الصّلاة والسّلام) حيث أوصى بدفنه في بيته، وكذلك ابنته المضطهدة المغصوبة المظلومة عليها السلام، والإمامين العسكريّين عليهما السلام، والسّيّدة نرجس خاتون عليها السلام. ثم تبعهم العلماء منهم: الشّيخ المفيد، والسّيّد المرتضى، والشّيخ الطّوسيّ، وصاحب الجواهر، وابن فهد الحلّيّ، وغيرهم العشرات من زعماء الملّة والدّين.

وأوصى (قدس سرّه) أن يدفن معه عدد من التّرب الحسينيّة الّتي طالما صلّى وسجد عليها كما أوصى بأن تلطّخ مواضع من بدنه لا سيّما وجهه وكريمته وصدره ومواضع سجوده بهذه التّربة المقدّسة. وأن تدفن معه عدد من المناديل الّتي كان يمسح بها وجهه الشّريف من الدّموع الّتي كان يسكبها في عزاء الإمام الحسين عليه السلام، وأهل البيت (عليهم الصلوة السلام). وأن توضع على صدره الأقلام الّتي طالما كتب بها مسائل الدّين، ودافع بها عن كيان الشّرع المبين، فدفنت معه خمسة أقلام من أقلامه العتيقة.

ولقد عاش غريبًا، ومات غريبًا، ودفن غريبًا، حشره الله تعالى مع آبائه وأجداده الغرباء (عليهم صلوات الله سبحانه في كلّ صباح ومساء).

v     صدى الواقعة في أجهزة الإعلام

1- سبق في إعلان الخبر المؤلم، الإذاعة والتلفاز للجمهورية الإسلامية الإيرانية على مختلف قنواتها وفي نشراتها الإخبارية المكررة مع إبداء الت